السبت، 15 يناير 2011

سياحة وسفر في ايران Tourism in Iran

نضع بين ايديكم اليوم تقرير للكاتب جاسم عباس يتحدث فيه عن رحلة الي ايران هذه الدولة التي لايتحدث الكثير عنها سياحيا

LAHIJAN

كتب جاسم عباس:
سأحاول قدر الإمكان أن أضع صفتي الصحفية جانباً، وسأكتب عن مدينة تشهد فيها صورة الانسان المكافح الذي يحمل الماضي، مدينة سهلة الدرب، متصلة بقراها، يطلقون عليها «شانديز»، أي شاه.. نديز، أي قلاع الملوك. ويسميها أهل خراسان «جنة في الأرض». تشتهر بالمطاعم الفخمة الزاخرة بالشلالات والتحف والتماثيل، مطاعم مغطاة بأشجار، وتسمى شانديز «مدينة المطاعم»، مشهورة بالكباب السلطاني والبرق والكوببدة طول الواحد حوالي 40 سنتيمترا، شارع شانديز طوله حوالي 10 كيلومترات على جانبيه أكثر من 45 مطعما، وبالرغم من هذا العدد ومساحة كل مطعم حوالي 3000 متر مربع فإن الطلب يزداد على المكان، خصوصا الخميس والجمعة، حيث ينتظر الأهالي والسيارات ساعات لكي يحصلوا على طاولات ومقاعد، أما بقية الأيام فتجد أصحاب المطاعم يقفون في الطرقات يدعونك.
شجرة السدر
حدثنا الدليل السياحي سعيد أكرم زاده عن خصب الأرض الشانديزية التي تمتد إلى جهة الشرق والغرب من مدينة مشهد المقدسة عاصمة محافظة خراسان، بالإضافة إلى آثار الحضارات الإنسانية العظيمة التي تراكمت على ترابها، تربطها بأماكن الاصطياف التي تتناثر فوق الجبال والسهول طرق متطورة. شانديز تمتاز بالهواء المنعش الذي ينسيك أنك في فصل الصيف وبالفنادق والمطاعم الجبلية النظيفة، شانديز مدينة البساتين والزهور التي تمتد إلى مدى نظرك وقلاع تحكي تاريخ القرون، والزائر في مدينة شانديز له طرق توصله بسهولة إلى قاع السهول وقمة الجبال. قال سعيد إذاً لمدينة شيراز «تخت جمشيد» ومدينة يزد تفتخر بقلاعها منذ 400 سنة، ومدينة قم بحريرها وكاشان بسجادها، فمدينة مشهد تفتخر بمرقد الإمام الثامن للشيعة، وتفتخر بشاندير وشجرتها الباقية صامدة منذ 2700 سنة، ذكرت في كتاب «روضة الصفا» و«ناسخ التواريخ»، وشانديز فيها قلعة من 300 سنة ق.م.
براءة الطفولة
تجول بنا الدليل السياحي مع أخي الدكتور عبدالمحسن جمال الى جبال «أخلمد» المشهورة بشلالاتها وخضارها لم تمسها أيدي البشر، وأخلمد منطقة جبالها صخرية تعشقها العيون لوجود فتحات فيها، قرية سياحية أشجارها مثمرة، وقنواتها تزيدها جمالا آثارها، وسفح واد غني بالأشجار والبساتين، أخلمد في العطلات والمناسبات ينتشر في ربوعها تسلق الجبال والتنزه بين أشجار التفاح والكمثرى والجوافة، أسوار مزارعها من الطين والصخر، والمدينة غنية بالمواد الطبيعية البيئية، تمتاز طرق أخلمد الضيقة القديمة بانها لم تتطور لكي تحافظ على التراث والأصل، وحتى المدارس على الطراز القديم البسيط، وبعد 2400 متر تصل الشلالات، وتشاهد كل شيء على الطبيعة، حتى الطفل البريء يتنقل على الحمار من مكان الى آخر فوالده سمح لنا بالتصوير، ولضيق السكيك تجد الحيوان وسيلة للتنقل، لكن الهواتف النقالة بيد كل مواطن أخلمدي بسيط، والنبات والشجر له قيمة حتى أثناء البناء لا تجد من يؤذي الخضرة أو يقطع غصنا فتبنى الدار والشجر يخرج من سطحها دون ان يتعرض أحد لقلعه.
سد جالي دره
على مسافة 10 كيلومترات غرب مدينة مشهد منطقة سياحية يعجز القلم عن وصفها، فيها المياه العذبة التي تغذي البيوت والمزارع، مساحة السد 140 هكتارا اي حوالى 1.400.000 متر، بالإضافة إلى الأشجار المثمرة والخضار الشهيرة، خاصة الدراق والأجاص.
قال سعيد: الهواء في أخلمد منعش والمناظر خلابة، ولذلك يهرع سكان مشهد والمدن المحيطة إلى هذا المصيف الجميل والقريب في شهور مايو ويونيه ويوليو وأغسطس، ولهذا كثرت السفن السياحية والمطاعم والاستراحات، والمقاهي والمتنزهات في السهل وعلى السفوح الخضراء، وأماكن خاصة للعوائل (كبائن)، هواء أخلمد أكثر برودة، فإذا كنت من السياح العشاق للطبيعة، فقف عند المغيب وراء الجبال، واشرب من المياه المعدنية من جوف الجبل، ولتعيد شبابك ونشاطك عليك بالأحواض الساخنة للعلاج، وإعادة الحياة، وتشاهد الافلام في السينمات الخمس الصيفية من دون أسقف تحت الأشجار والأجواء الصاخبة، مياه أخلمد يرتفع منسوبها، خاصة بعد أن انتهى المشروع في 2002 بالاضافة إلى المباني التاريخية، والتي هي محل اعتزاز لأهالي أخلمد الذي لا يتجاوز عددهم 400 شخص، مناظر تفتح عقول كل من رأوها، ولا تزال صاحبة الأمجاد بين القرى والمدن لمحافظة خراسان، وخلال هذه الرحلة ضربت ماشيا مع أخي الدكتور عبدالمحسن جمال، دخلنا أحياءها الراقية القديمة، أناس فتحوا قلوبهم لنا من دون اي حرج عند كل سؤال واستفسار، فالجواب عن ظهر قلب.
وبعد أمتار من السير، ولم يبق علينا إلا أن نختار واسطة الانتقال، ولكنها تشوشنا ولم تتح لك أي واسطة مشاهدة الطبيعة إلا الرجلين، لأنهما توصلانك إلى الطبيعة الفطرية الخصبة، ويعطيانك حرية الحياة في هذه الأماكن، وبين الحوانيت التقليدية والأشجار الناعمة، مناظر جميلة ووجوه بشوشة مبتسمة متأهبة لاستقبال زوارها بضيافتها التقليدية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق