الأحد، 14 نوفمبر 2010

السياحة في سنغافورة الساحرة | Tourism in Singapore

سنغافورة جزيرة المصانع واللغات

صور سنغافورة  

تتألف جمهورية سنغافورة من جزيرة سنغافورة العاصمة، وهي مدينة تجارية وصناعية مهمة، ومن بعض الجزر الصغيرة الاخرى الواقعة في المضايق البحرية المجاورة لها.
يبلغ عدد سكانها حوالي 4 ملايين نسمة يمتدون على مساحة 697 كيلومترا، وهذه المساحة الصغيرة لا تتناسب مع عدد السكان، لذلك فهي تعتبر من اكثر المناطق ازدحاما في العالم.. اغلب سكانها من المهاجرين الصينيين ومن شعوب المالاي والهنود، وقليل من شعوب اوروبا، واعراق اخرى منهم عرب اغلبهم من اليمن، هاجروا اليها بعد ان جذبهم مركزها التجاري المرموق والمشهور.. تأتيها رؤوس اموال من اليابان، اميركا، هونغ كونغ، وبريطانيا، كما تكثر بها زراعة المطاط وجوز الهند والفواكه، فقد استطاعت سنغافورة ان تجفف المستنقعات وتحولها الى مصانع ضخمة متنوعة.. لغتهم الوطنية هي المالاي اضافة الى ثلاث لغات اخرى رسمية اهمها اللغة الانكليزية التي انتشرت بشكل واسع.. واستفادت منها في السياحة.

جولة في المدينة

كانت جولتنا الأولى في المدينة / العاصمة بالباص السياحي مع المرشدة الوطنية التي كانت تحدثنا عن تاريخ الجزيرة السياسي والحضاري، وتطورها السريع، والتنمية الاقتصادية والطفرة التجارية، وأسلوب حياة السكان وثقافاتهم المتنوعة.. وأسهبت في الحديث عن صناعة السياحة في الجزيرة التي تزداد عاماً بعد آخر نظراً لتطوير وسائل الترفيه والمتعة للسائح.
منذ الجولة الأولى، لفت نظري النظام العام في كل شيء، كما لفت انتباهي النظافة التي تتميز بها هذه الجزيرة في كل مكان عام وخاص، شوارع وطرقات وغيرها.. كما جذبتني ألوان مبانيها الجميلة الزاهية، وأدهشتني تلك الخضرة الوارفة الندية التي تحيط بكل بقعة في الجزيرة.. مع صغر المساحة إلا أن الزائر يشعر باتساعها وإشراقها، كأنها أنثى تستقبله بابتسامة رائعة وبدلال وغنج.. فهي حقاً جميلة من دون خلاف.
مررنا في تلك الجولة على المنطقة المالية والمعبد الهندي القديم ذي المبنى الرائع، ومسرح أسيلا الكبير المشهور، والمدينة الصينية.
لن ننسى المركز العلمي الضخم الذي يثري ثقافة الجزيرة، كذلك المدينة الترفيهية المقامة على الساحل الشرقي للجزيرة المزدحمة بالألعاب الممتعة للصغار والكبار.. ومن أنشطتها ركوب المنطاد وتلك تجربة جميلة تذكرك بعصور ما قبل الطائرات.. وهناك أيضاً سباق سيارات للمبتدئين، وزوارق مائية ممتعة.. اما الالعاب الخطرة فأيضا بانتظارك.
بعد هذه الجولة السريعة في ارجاء المدينة والتمتع بكل المناظر الجميلة.. ولأن سنغافورة مدينة المصانع.. فكيف لا نستمتع بزيارة بعضها.. وهكذا توجهنا الى زيارة احد اكبر مصانع المجوهرات والاحجار الكريمة.. تجولنا في اقسامه المختلفة واستمتعنا بالنظر ولمس تلك الصناعات الفاخرة من المجوهرات الرائعة التي تدهشك تشكيلاتها وموديلاتها الحديثة الراقية، كما تذهلك اسعارها الغالية.. لكنها بصراحة تستحق اثمانها.
بعد المجوهرات، توجهنا الى زيارة مصنع آخر للملابس، وخصوصا التقليدية الراقية ذات الالوان الجميلة الزاهية والاقمشة الحريرية الناعمة.. دائماً الالوان في سنغافورة هي السمة التي تتميز بها في كل شيء.. فكانت الجولة للمتعة وللتسوق وللتعرف على بعض معالم الجزيرة المشهورة..
اما اشهر وأغرب معلم في سنغافورة العاصمة، والذي افتتح حديثا في مارس عام 2008، فهو عبارة عن عجلة دوارة ضخمة، حين يركبها الزائر يستطيع ان يرى كل ارجاء الجزيرة بشكل واضح ويستمتع جالساً في مقصورة زجاجية على شكل سلندر ــ انبوبة، وكأنه احد رجال الفضاء.. المتعة في هذه العجلة انها تدور 360 درجة.. كما تعتبر اكبر واضخم عجلة دوارة في العالم.. وهذه العجلة تغني عن الابراج العالية التي يبحث عنها الزائر لتمتعه بالتعرف على معالم الأمكنة.

نايت سفاري

سنغافورة من اجمل الرحلات في سنغافورة العاصمة، كانت رحلة (السفاري الليلية) لزيارة محمية الحيوانات البرية.. ثم زيارة حديقة حيوان سنغافورة الكبيرة..
قبل ان نستعد لركوب القطار الذي سيأخذنا في جولة لتلك المحمية الطبيعية، لفت نظري الخندق، وفجأة دخلني الخوف والرعب وأنا ألمح ملك الغابة «سي السيد» الاسد على الطرف الآخر من الخندق، يتمشى على كيفه بين الاشجار والمزروعات بحرية، يوجه لنا نظراته من خلال عينين تبرقان في العتمة.. طمأنني المرشد حين لاحظ ارتباكي وتشتت نظراتي، أن الاسود لا تتخطى الخنادق ولن تعبرها ابداً فلا داعي للخوف.. ابتسمت غير مصدقة، فكيف لا أخاف والاسود على بعد امتار قليلة مني طليقة متعافية؟!
على كل حال، صعدت الى القطار بجرأة لا تشبهني، وداخلي يرتجف خوفاً ورعباً، وبدأت طقوس الجولة الليلية تحت جنح الظلام وفي ظل هدوء تام وضوء خافت جداً بالكاد يُري الطريق، وذلك لاكتشاف نشاط تلك الحيوانات البرية ومراقبة طريقة حياتها، من دون ان تزعجها بأية حركة، وهكذا حرمنا من التقاط الصور الحية لتلك الحيوانات في محميتها.
ولكنها تجربة رائعة لا تتكرر دائماً. بعد انتهاء الجولة تناولنا العشاء في احد المطاعم الجميلة.

حديقة حيوان سنغافورة

الحديقة عبارة عن اراض خضراء شاسعة جميلة ممتدة، تضم مع المحمية مبنى كبيراً جداً تعلو به بعض التلال، وتزينه البحيرات، وتسير فيه القطارات المختلفة. تحتوي الحديقة على 2000 حيوان من جميع ارجاء العالم، تعيش في اجواء مشابهة لطبيعة بيئتها الاصلية. من اجمل الحيوانات التي شاهدناها الدب القطبي الابيض وبيئته الجيلية، كما شاهدنا القنفذ الكبير، (بصراحة شكله يخرّع)، وهناك اجناس اخرى من الحيوانات تعيش في اقفاص حديدية كبيرة.
اجمل ما في الحديقة تلك العروض الحية الرائعة لبعض الحيوانات والطيور المدربة، مثل الافيال واسود البحر وطيور الفلامنغو والطيور الملونة الجميلة. تقام هذه العروض في ساعات محددة من النهار، وتنتشر في اماكن متعددة من الحديقة. ولقد شاهدنا عرضاً جميلاً لطيور الفلامنغو اقيم في البحيرة التي سميت باسمهم Flamingo Lake. كما استمتعنا في مكان آخر بمشاهدة عرض لطيف لأشكال والوان من الببغاوات الجميلة، ثم انتقلنا الى بيئة جليدية قطبية لمشاهدة استعراض البطريق.
التجول في تلك الحديقة الواسعة ممتع ومسل ومتنوع، فهناك جولات على الاقدام لمشاهدة حيوانات وطيور مختلفة الانواع حرة طليقة تعيش في بيئة مشابهة لبيئتها الاصلية. واثناء جولتنا هذه شاهدنا الانهار التي تعيش بها انواع مختلفة من الاسماك والسلاحف وانواع البط والإوز.
ثم انتقلنا لمشاهدة اجمل حديقة لطيور «جورونغ» الملونة التي تعتبر من اروع حدائق الطيور الآسيوية في منطقة المحيط الهادئ. اما الخيول فهي موجودة ايضا ويستطيع الزائر ان يركب الخيل ويتجول في مناطق وجودها في الحديقة.
الجميل ان هناك قطارا زجاجيا بناراميا حديثا يستطيع ان يركبه الزائر فيشاهد من خلاله الحديقة من جميع جهاتها. كما تكثر في الحديقة المطاعم المتنوعة، والمقاهي الجميلة المنتشرة حول البحيرات والاكشاك. وانهينا زيارة هذا اليوم بالتجول في حديقة الزهور الجميلة، مستمتعين بأشكالها وألوانها الزاهية ورائحتها العطرية.

الأسواق التجارية والمولات

تكثر الاسواق والمولات الكبيرة في سنغافورة.. وما يميزها أنها مزدحمة بالماركات العالمية الشهيرة والموديلات الحديثة.. وأشهر أسواقها موجود في شارع أورتشاد ومنها مول سنتربوينت الذي يعتبر الأكثر شعبية، ومول فار إيست بلازا.. وغيرها الكثير.
وما يميز سنغافورة أيضا أن هناك أسواقا خاصة للكاميرات وأجهزة التصوير الحديثة، وهناك أسواق خاصة للأطفال مثل فورم شوبنك مول، كما تكثر في أسواقها المحلات التي تبيع الصناعات اليابانية، وللشباب نصيب في هذه الاسواق، فلهم أسواق خاصة تبيع الساعات والإلكترونيات والأجهزة الموسيقية والأفلام والاسطوانات التي يفضلها ويتمناها الشباب.. مع المفارقة اللاجميلة، فإن شباب الكويت الحلوين يمنعون من ارتياد بعض الأسواق والمحلات لأسباب لا منطقية ولا إنسانية، هناك ميزة تختص بها أغلب المولات، وهي أن المفاوضة في البيع أمر عادي ومقبول، ولا وجود لعبارة «السعر محدود»، والشاطر من يستطيع أن يفاصل ويشتري احتياجاته من البضائع بأرخص الاسعار.
تنتشر ظاهرة الأكشاك أمام الأسواق والمولات التجارية، بشكل ملحوظ، وهي متخصصة في بيع الساعات ذات الماركات العالمية، والكاميرات وأجهزة التصوير لماركات مشهورة عالميا، وأغلبها، صناعات يابانية، فحين تتجول بين هذه الأكشاك تعتقد أنك في اليابان.

جزيرة سنتوزا

صور سنغافورة من أمتع الرحلات، كانت رحلتنا إلى جزيرة سنتوزا الجميلة، المزدحمة بالغابات الكثيفة، والمزدانة بالمزروعات والأشجار الوارفة، والمتميزة بخضرة أراضيها.. كما تتميز بحدائق كبيرة واسعة تشرح النفوس وتبهجها.
منذ الصباح الباكر، تهيأنا لزيارة تلك الجزيرة وقضاء يوم كامل بين ربوعها، ولأنني لم أكن أعرف شيئا عن هذه الجزيرة فقد أخبرني زوجي العزيز بأن وسيلة المواصلات الوحيدة إلى الجزيرة هي التلفريك، ولأنني ركبت التلفريك في الأماكن الجبلية التي زرتها في العالم، تقبلت تلك الوسيلة لا سيما انها الوسيلة الوحيدة، وبالتالي ركبنا السيارة التي أقلتنا من الفندق في جزيرة سنغافورة، إلى محطة التلفريك، وركبنا التلفريك الذي يحمل أربعة ركاب فقط، وقد كنا من كل زوجين اثنين، لحد الآن والأمر طبيعي وعادي، ولكن ما إن تحرك التلفريك ونظرت إلى الأسفل ورأيت البحر / المحيط المترامي، مع إنني من عشاق البحر وتربيت في طفولتي على شواطئه، ولكنني عندما أمعنت النظر إلى الأسفل وصافحتني الأمواج بتلاطمها حتى جمدني الخوف وأخذ قلبي يخفق بشدة.. أما لساني فأخذ يلهج بذكر الله تعالى ألف مرة.. وكلما اقتربنا من الجزيرة، يتلاشى خوفي قليلا، ولكنه يعود بقوة حين أتذكر رحلة العودة.
على كل حال وصلنا بالسلامة إلى تلك الجزيرة المشهورة بالمجسم الضخم لملك الغابة (سي الأسد)، الذي يراه ويتنبه الزائر بوضوح، وهو معلق في الهواء في التلفريك، من ابعد نقطة نظراً لضخامته وروعة تصميمه.
بداية جولتنا في تلك الجزيرة الجميلة، مشاهدة تمثال الاسد الضخم عن قرب.. ثم اتجهنا الى الساحة الخضراء الواسعة، ساحة التنين لوجود تمثال اخر ضخم للتنين، وما يميز هذه الساحة كثرة الانشطة التي تحيط بها، ومنها مشاهدة الثعابين الضخمة والاقتراب منها ولمسها وحملها ولكنني لم اجرؤ حتى على لمس احدها مع ان الوانها كانت جميلة جذابة وضخامتها غريبة.
حين تركنا الساحة تجولنا حول الشواطئ الرملية ذات المناظر الطبيعية الخلابة، وزرنا اكبر واجمل واشهر المنتجعات في الجزيرة وهو فندق شانجريلا الرائع.
اما الحدائق التي زرناها فقد كانت حديقة الفراشات من اجملها Butter Fly Park واستمتعنا بمشاهدة مئات الحسناوات من الفراشات الجميلة المنتشرة في مملكة مكتملة ومشابهة لبيئتها الطبيعية.. المتعة انك اينما تحركت تغازل عينيك تلك الالوان البراقة الزاهية لمختلف اشكال الفراشات وانواعها.
اما مملكة الحشرات Insect Park ففضلت عدم التجول بها، لكنني عرفت من احد الاصدقاء الذي غامر وزارها انها عبارة عن كهوف معتمة تعيش بها خنافس وعناكب وعقارب.. لا يظهر منها للزائر غير التماعات بعض الحشرات المضيئة.. وكل من تجرأ ع‍لى التجول في ظلماتها، خرج خائفا مرتعبا.. نصيحتي الا تقربوها.
جمال الجزيرة وانشطتها المتنوعة وحدائقها المتخصصة وتماثيلها الضخمة، ابعدتني عن التفكير في رحلة العودة طيلة النهار.. وبعد ان قضينا يوماً رائعا ممتعا، وقبل حلول الظلام قررنا العودة الى جزيرة سنغافورة العاصمة، فبدأ الخوف يعود الي من الصعود مرة اخرى الى التلفريك العالي جداً وعبور ذلك البحر الممتد.. وحين اتجهنا الى حيث المحطة، فوجئت بباص صغير ينتظرنا فلم اسمع من زوجي غير كلمة تفضلي.. وهنا اتضحت الصورة، فالوصول الى الجزيرة لم يكن مقصورا على وسيلة التلفريك المعلق في الهواء الذي اخافني وارعبني صباح اليوم، انما هناك وسائل اخرى مريحة وسريعة واكثر امنا وهي السيارات والباصات الصغيرة وحتى القوارب متوفرة..ومن فرحتي بأنني ساعود بالباص، لم التفت على زوجي لالومه او اعاتبه على تلك المغامرة والتجربة التي بقدر ما اخافتني امتعتني واعطتني بعض الجرأة لخوض تجارب اخرى في المستقبل على شاكلتها.. المهم وصلنا الى سنغافورة العاصمة بسلام وامان عن طريق البر.. وليس عن طريق الهواء.. وتناولنا وجبة العشاء في الفندق بشهية.. نصيحتي تجربة التلفريك ممتعة.. جربوها وابعدوا الخوف عن اذهانكم.

 

بقلم وعدسة: منى الشافعي

0 التعليقات:

إرسال تعليق