سنغافورة اجمل بلاد العالم

تعتبر سنغافورة، بلدا استثنائيا يجمع بين مزيج من الثقافات المتعددة والاعراف التقليدية، وأساليب الحياة وأنماطها المختلفة، وهي خلطة الطبيعة الآسيوية الساحرة وحضارة البنيان، الذي ولد تركيبة فريدة من نوعها في آسيا والعالم.
زيارتي الى سنغافورة كانت تجربة جديدة في حياتي، حملت في طياتها الكثير من الغرابة والكثير من العادات المختلفة تماما عما اعتدت عليه. بلد جميل جدا باختصار ومنتظم جدا، كنت قد سمعت عنه ممن زاره انه اجمل بلاد العالم، لكنني لم اصدق حتى رأيت بعيني سر هذا البلد، فما ان تلقي نظرة على هذه المدينة حتى تلمس بنفسك الفوارق الصارخة التي لا يزيدها تميزا الا روعتها الفائقة، ناهيك عن المناظر الجذابة والخبرات الاستثنائية المتنوعة المتميزة عن غيرها.
سنغافورة استطاعت ببساطة ان تعانق الشرق والغرب في بقعة واحدة، فمن الهدوء والسكينة اللذين يخيمان على غاباتها  التي لا يمر عليها يوم كامل دون امطار، الى الصخب والحماسة الحيوية اللذين يميزان حفلاتها الموسيقية ذائعة الصيت التي تعطي لحياة سنغافورة الليلية روحا مختلفة عن غيرها.
وللتعرف الى سحر هذا البلد، زارت القبس سنغافورة على متن الخطوط الجوية السنغافورية، بدعوة من هيئة السياحة التي تمكنت في 5 ايام من اعطاء صورة كافية عن روعة وغرابة المكان، الذي يعتبر من افضل المقاصد للسياحة العائلية، او حتى لقضاء شهر العسل، دون ان تنسى الهيئة الاهتمام بأدق التفاصيل.
وفي الآتي سنذكر ابرز الاماكن التي ينصح بزيارتها في سنغافورة :
شارع عربي بامتياز
منطقة كامبونغ جلام، او كما تعرف بشارع العرب، وهي منطقة تمتزج فيها ثلاثة اجناس عرقية تتناغم وينسجم بعضها مع بعض في اطار واحد، بالرغم من تعدد الاصل واختلافه، فنجد التراث الاسلامي والمالاوي وتقاليد الشرق الاوسط قد اندمجت كلها معا لتضفي خيارات متنوعة من التسوق والاطعمة المتنوعة.
وخلال زيارتك لشارع العرب، لا تفوت عليك زيارة مسجد السلطان المهيب، حيث تجد مزيجا من التأثيرات المعمارية من جنوب شرق آسيا، واوروبا والشرق الاوسط، كما تقام عروض مالاوية ثقافية بشكل اسبوعي في مركز التراث المالاوي.
وفي شارع العرب ايضا يمكن لمن يحب التسوق ان يجد تشكيلة واسعة من الاقمشة والسجاد، والالبسة المالاوية، اما فيما يخص تناول الطعام، فلديك تشكيلة من الخيارات المتعددة من مطاعم الشرق الاوسط في سنغافورة، او من مأكولات «ناسي بادانج» المالاوية ذائعة الصيت، وهي عبارة عن ارز مقدم مع تشكيلة من السمك والدجاج والبيض والخضار وبنكهة فريدة ومميزة، ويمكن لمحبي الشيشة ان يجدوا مطلبهم في شارع العرب الذي يزخر بالمقاهي المصرية والشرق اوسطية التي تقدم الشيشة بمختلف انواعها، على وقع الاغاني العربية.
الصين في شارع واحد
تشاينا تاون، هي احد الشوارع في سنغافورة التي تشعر منذ لحظة دخولها وكأنك وصلت الصين، فهي تجمع بين الكثير من المعابد الصينية، بالاضافة الى المأكولات والمنتجات والألبسة الصينية.
وكما ذكر لنا الدليل السياحي الذي رافقنا في جولتنا، فإنه في الماضي عاش على هذه الارض المستوطنون الصينيون الاوائل، وفي دروبها وممراتها ناضلوا وكافحوا، وفي ساحاتها لعبوا ورقصوا. فإن كانت تحدوك رغبة في إعادة إحياء تلك الصورة في مخيلتك فما عليك سوى التوجه لزيارة مركز تراث تشاينا تاون لتكتشف المزيد عن تاريخهم وتراثهم، لاسيما معبد «ثيان هوك كينغ» الذي يعد أعجوبة من عجائب البناء الهندوسي، حيث تم بناء هذا المعبد دون استخدام ولا حتى مسمار واحد، كما يطل علينا في زاوية شارع «باجودا» أقدم معبد هندوسي في سنغافورة، فضلا عن معبد «سري ماريامان» مع الصور الملونة للأوثان الهندوسية، ويقع بالقرب من ذلك مسجد «جاماي» ومعبد ومتحف «بوذا توث ريليك».
وزيارة «تشاينا تاون» لن تكتمل دون الذهاب للتسوق وشراء الهدايا التذكارية الصينية والقطع التراثية والأعشاب الصينية، التي من الممكن استخدامها للشفاء من بعض الأمراض، إلى جانب الوجبات الصينية التقليدية الخفيفة اللذيذة.
وننصحك قبل الشراء من شارع «تشاينا تاون» أن تقارن الأسعار بين محل تجاري وآخر لأن الأسعار غير موحدة وقد تختلف في بعض الأحيان حتى 50 دولارا سنغافوريا.

نهر سنغافورة

يعتبر نهر سنغافورة شريان الحياة الاقتصادية للبلاد باعتباره طريقا مائيا لمواصلات الجزيرة منذ كانت في يوم من الأيام مقاطعة ريفية للمستوطنين الأوائل، ولاكتشاف تاريخ البلاد الغني ما عليك سوى التجوال بأحد القوارب الخشبية، التي تعتبر الفترة المسائية هي الأفضل للتجوال بها. إذ في المساء يمكنك ان تتأمل بنفسك روعة وجمال نهر سنغافورة الذي يزداد حيوية ونشاطا في المساء، بحركة المواطنين والزوار الذين يأتون لتناول العصائر والوجبات البحرية الشهية التي يقدم أفضلها في مطعم Jumbo Seafood، وللاستمتاع بالحفلات الليلية، ويمكن في المكان ذاته قضاء ساعات من الرومانسية والشاعرية على رصيف ميناء السفن او كما يسمى «رصيف كلارك».
وخلال تجوالك في «بحر سنغافورة مساء» ستتمتع بإضاءة المطاعم والمقاهي الملونة التي تنعكس انارتها في الليل على مياه النهر لتضيف الأجواء الساحرة على المكان.
السباحة على ارتفاع 200 متر
فندق مارينا باي ساندز Marina Bay Sands هو منتجع سياحي ضخم يقع في سنغافورة وتبلغ تكلفته اكثر من 5.5 مليارات دولار، ويتكون من ثلاثة ابراج تعلوها حديقة على ارتفاع 200 متر بعرض الثلاثة ابراج، وتعطي هذه الحديقة مشاهدة مميزة لمدينة سنغافورة في كل الاتجاهات، وتحوي البركة المدهشة التي تحمل اسم انفينيتي. وبتلك التكلفة الهائلة يصبح مارينا باي ساندز الفندق الاكثر تكلفة في العالم.
قد تشعر عند مشاهدتك للبركة كما لو كانت المياه تسقط من طرف بركة السباحة، وهذا ما يحدث بالفعل لكنها لا تسقط من المبنى لاسفل بل تسقط في قنوات خاصة تقوم بنقلها الى البركة مرة اخرى، كما تحتوي البركة كذلك على نظام مياه يقوم بتنقية وتدفئة المياه لتبقى نظيفة ومريحة.
ومن الجدير بالذكر ان هذه البركة تصبح بمساحتها تلك اكبر بركة سباحة على هذا الارتفاع في العالم، حيث يصل طولها لـ 150 مترا على ارتفاع 200 متر، وهي بذلك في طول برج ايفل افقيا.
ويتكون الفندق من 2.560 غرفة تبدأ تكلفتها من 350 يورو لليلة الواحدة تقريبا، ولا يقف تميز هذا المنتجع السياحي عند بركة انفينيتي فقط، بل يحوي قناة مائية داخله للتجول بين الاماكن المختلفة في الفندق بواسطة قوارب تشبه تلك التي كانت تستخدم في القرن السابع عشر في بلاد شرق آسيا.
تم تصميم هذا المنتجع على مساحة 120 الف متر مربع وبارتفاع 55 طابقا، ويشمل مركز تسوق ومركز معارض بجانب ستة مطاعم ومسرحين، ويتميز كذلك بقاعتي معارض طافيتين فوق الماء في مواجهة الفندق.
مطابخ العالم في «كلارك كي»
وعلى ضفاف نهر سنغافورة تقع منطقة «كلارك كي»، وهي احدى ابرز المناطق التي ينصح بزيارتها اذ تتميز بأبنيتها الملونة التي تعطي لمسة جمالية مميزة للمكان، ويتواجد فيها خليط من المطاعم العالمية، فبإمكانك ان تجد كلا من المطعم الهندي واللبناني والتركي والصيني والياباني والشيرازي وغيرها من المطاعم العربية والعالمية، بالإضافة إلى المقاهي ومحلات التسوق. وتزامنت زيارتنا للمكان مع مهرجان الطعام الذي تقيمه البلاد في شهر يوليو، تقدم فيه الاطعمة الصينية والمالاوية والهندية والماليزية وغيرها من الاطعمة الشرق آسيوية.
ماليزيا وأندونيسيا بالعين المجردة
تمتاز العجلة الدوارة في سنغافورة بأنها الاكثر ارتفاعا عن سطح البحر في العالم، اذ يصل ارتفاعها حتى 165 مترا، واغرب واجمل ما في الامر انه يمكنك مشاهدة سنغافورة بالكامل من خلالها، بالاضافة الى الجزر الاندونيسية المجاورة ومضائق جوهور في ماليزيا.
وإذا كنت لا تخاف الارتفاعات الشاهقة، حلق عاليا في هذه العجلة الدوارة، وتمتع برؤية شاملة تمتد على نطاق 360 درجة لكامل المدينة، بما فيها المناظر الرائعة للمعالم المهمة للمدينة مثل منتزه «ميرليون» وخليج «بادانغ ومارينا».
وبالقرب من هذه العجلة الدوارة هناك أحد المحلات التي تقدم خدمة التدليك للأرجل بواسطة السمك، وهي عبارة عن بحيرة مليئة بالاسماك الصغيرة، يمكن الجلوس على ضفافها ووضع الأرجل بداخلها، وتلقائياً ستقوم الاسماك بعملية التدليك.
«ليتل انديا» سوق البخت والحناء
يعتبر السوق الهندي أو ما يعرف بـ«ليتل انديا» أحد أبرز الشوارع الشعبية الهندية في سنغافورة. ليتل انديا، شارع مليء بالأكشاك التي تبيع القطع التراثية القديمة، وتتوافر فيها باقات متنوعة من الزهور المعروضة للبيع، إلى جانب خدمة قراءة البخت بواسطة الببغاء، التي يشتهر بها أهل الهند، وقد يتسنى لمحبي الحناء الرسم على أياديهم. وتتوافر في هذا المكان سلسلة من المأكولات الأصلية من شمال وجنوب الهند. كما يمكنك ان تستمتع بمذاق الفاكهة الطازجة التي تباع في هذا الشارع، ولا تنس تذوق جوز الهند الآسيوي البارد. وفي العادة يكون شارع ليتل انديا مزدحما معظم أيام الأسبوع.

نايت سفاري سنغافورة

يعتبر السفاري الليلي في سنغافورة احد المعالم السياحية الابرز في البلاد، وقد حاز «نايت سفاري» جائزة المناطق السياحية الجذابة، حيث يعتبر حديقة الحيوانات الليلية الاولى على نطاق العالم، فلا يفوتنك الاستمتاع بالحياة البرية الليلية في تلك الاجواء الخلابة، ولا تنس خلال زيارتك للمكان ركوب الترام في رحلة تجوال تستمر لمدة 45 دقيقة في جولة في ارجاء حديقة الحيوانات، او يمكنك الاستغناء عن ركوب الترام، والسير على احد ممرات المشي الثلاثة لاكتشاف المنتزه.
وفي السفاري الليلي ستستمتع برؤية جميع انواع الحيوانات في حركتها الليلية، خاصة انها ليست اسيرة خلف القضبان، ويحذر في هذا المكان التقاط الصور خوفا من هروب بعض الحيوانات او اثارتها.
وفي سفاري نايت تقام استعراضات مميزة، وفيها يقدم مجموعة من الشبان المالاويين عرضا استعراضيا باستخدام النار. اما الاستعراض الثاني فهو عبارة عن عرض خاص بالحيوانات. وتتوافر في «سفاري نايت» سلسلة من المطاعم التي تقدم انواعا مختلفة من الاطعمة الصينية والهندية والايطالية والمالاوية وغيرها، لكن افضلها مطعم Ulu Ulu.

حدائق وورود نادرة في سنغافورة

تزامنت زيارتنا إلى سنغافورة مع مهرجان الحدائق السنغافورية، الذي اتخذ من «سنتس سيتس» مركزا له، وفيه تبارت مجموعات على حصد المراكز الأولى في عرض أبرز الأفكار وأجملها لتزيين الحدائق. ويمكن لزوار المعرض ان يكتشفوا أنواعا كثيرة من الورود التي لم يسبق لهم ان رأوها، كما يمكن لزوار المعرض شراء بذور نباتات قد تستهويهم أو تلفت أنظارهم، خاصة ان زهرة الاوركديه التي تشتهر بها سنغافورة، تتوافر بألوان وأشكال متنوعة. كما بإمكان الزائر الاستفسار ومعرفة الكثير من الحقائق حول أنواع مختلفة من النباتات النادرة التي حرص القائمون على المعرض على إحضارها وشرح خصائصها بالتفصيل. ويتوافر حول المعرض العديد من المطاعم التي تشتهر بمأكولاتها الآسيوية، والتي يعد House of Sundanese أبرزها.