جزيرة مينوركا
لم تعد جزيرة مينوركا الأسبانية الواقعة وسط الجزء الغربي من البحر المتوسط تعيش في ظل الشقيقة الأكبر لها جزيرة «مالوركا» التي تبعد عنها نحو 40 كلم فقط. فالجزيرة التي يعني اسمها باللاتينية «الصغيرة» بدأت منذ عدة أعوام تجذب الانتباه اليها سياحيا بشكل ملفت للنظر لتقديمها الكثير من العروض التي لا تقدمها جزر البليار الأسبانية الأخرى.
الجزيرة صغيرة الحجم فمساحتها لا تزيد على 702 كلم مربع في حين يبلغ طولها 47 كلم وعرضها يتراوح بين 10 ــ 19 كلم أما طول سواحلها فيصل الى 200 كلم فيما يبلغ عدد سكانها نحو 80 الف نسمة فقط غير أنها رغم هذه المعطيات فانها تقدم ساحلا نظيفا بشقيه الرملي والحجري وطبيعة أخاذة وتاريخا عريقا وتجهيزان لوجستية للحركة السياحية تضمن لزوارها التمتع فيها باجازات هادئة ومريحة
محمية طبيعية
وبالنظر لكون %80 من الجزيرة تعتبر من المناطق المحمية طبيعيا وبيئيا من قبل منظمة اليونيسكو فان زائر هذه الجزيرة يتملكه انطباع منذ اللحظات الأولى لمغادرته مطار العاصمة «ماو» كما يقال لها بالأسبانية أو ماهون كما يقال لها بالانكليزية بأنه يتواجد في متحف مفتوح. فآثار الحضارات العديدة ومنها العربية تترك بصماتها بقوة في مختلف أنحاء الجزيرة فيما يسود نوع من الجمال العذري في طبيعتها لم تدخل اليه بشكل قوي الحضارة المعاصرة، ولذلك لا اثر كبيرا للفنادق المرتفعة فيما يمنع حتى الآن بناء المزيد من الفنادق والمراكز السياحية على سواحلها حفاظا على عذرية الطبيعة.
سكانها الذين يعملون في الصيد وانتاج الجلديات المختلفة ولاسيما الأحذية وصناعة الجبن يعتمدون أيضا وبشكل رئيسي على السياحة، ولذلك يتعاملون مع الأجانب بشكل ودي جدا كدفء مناخ هذه الجزيرة الأمر الذي يجعل السائح لا يحس بأنه يتواجد في وسط غريب وانما بين أناس يعرفهم منذ فترة طويلة.
Hola
زائر الجزيرة الذي تسلح لها بتعلم عبارات المجاملة التقليدية يفاجأ منذ اللحظات الأولى لها بان ما تعلمه من مجاملات نظرية باللغة الأسبانية (السكان يتحدثون الأسبانية والكاتولينية والمينوركية) يسقط بالضربة القاضية منذ التماس الأول له مع سكانها، فالتحية المتبادلة فورا هي «اولا Hola» التي تعنى مرحبا، والتي تستخدم عادة بين الأصدقاء بدلا من عبارة «بوينوس دياس» التي تعني طاب نهاركم والتي يفترض أن يتم استخدامها بين الناس البالغين الذين لا يعرفون بعضهم من قبل.
وعلى خلاف الأماكن الهادئة والوادعة التي تقدمها القرى والمراكز السياحية المنتشرة في الجزيرة فان العاصمة تبدو أكثر ضجيجا وحركة بالنظر للتركز الأكبر للناس فيها ولكونها احد المرافئ الرئيسية والأكثر ممارسة للتجارة، ولذلك فان من يبحث عن الهدوء والراحة في الجزيرة يكفيه امضاء عدة ساعات فيها بعد الوصول اليها في الحافلات الجيدة التي وضعت للربط بينها وبين مدن الجزيرة الأخرى.
ويحس الزائر العربي للعاصمة منذ اللحظات الأولى لتجوله في شوارعها بالأثر العربي فيها الذي يظهر من خلال نمط بناء المنازل والأبواب والنوافذ بحيث يشعر الزائر وكأنه يتواجد في احدى المدن العربية، أما مرد ذلك فيعود الى أن العرب الذين حكموها لسنوات طويلة قد ساهموا في اشادتها ونهضتها.
التاريخ
تقول المصادر التاريخية الأسبانية ان الجزيرة قد شهدت استيطانا بشريا منذ العصور الحجرية الأولى، وان فيها منزلا يقال بأنه الأقدم في أوروبا، أما ثقافيا فقد تأثرت الجزيرة بحضارات المتوسط، ولاسيما الحضارتين اليونانية والرومانية.
وبالنظر إلى موقعها المهم، فقد كانت منطلقا لهجمات وغزوات القراصنة على قوافل التجارة الرومانية أما خلال احتلال الرومان لها وضمها مع مايوركا إلى الإمبراطورية الرومانية من قبل الإمبراطور أغسطس، فقد شهدت ازدهارا في التجارة البحرية لها مع ايطاليا.
وقد جاء دور العرب بعد الحقبة البيزنطية، حيث تم ضم الجزيرة من قبل الخليفة في قرطبة في عام 903، وتم إطلاق اسم «المنقورة» عليها.
وقد حكمت الجزيرة لفترة طويلة من قبل سعيد حاكم القرشي الذي أعلنها ولاية مستقلة، ثم من قبل ابنه إلى حين احتلالها من قبل الفونسو الثالث نهاية القرن الثالث عشر، حيث أنهى الوجود الإسلامي فيها.
وقد هاجمها الأتراك في القرن السادس عشر، ودمروا عدة مدن فيها، ثم حل فيها البريطانيون في عام 1708، حيث تم اعتبار ماهون عاصمة للجزيرة، وقد ظلوا فيها حتى عام 1803.
ولم يتم إنهاء الصراعات عليها إلا بعد التوقيع في عام 1802 على اتفاقية امينز التي ضمت بموجبها مينوركا إلى أسبانيا بشكل رسمي ونهائي.
انشطة متنوعة
تقدم الجزيرة لزائريها ليس الإمكانية للتمتع بشواطئها الرملية والصخرية الجميلة والنظيفة فقط، بل أيضا إمكانية القيام بنزهات بحرية وممارسة الغوص والتجول في طبيعتها، إما مشيا على الأقدام، أو على الدراجات الهوائية، أما الأسعار فيها، فليست رخيصة بطبيعة الحال، فاستئجار سيارة من نوع أوبيل مثلا يكلف يوميا 74 يورو في حين أن استئجار سيارة من نوع مرسيدس أو أودي يرفع السعر إلى أكثر من 100 يورو، أما استئجار شمسية بحرية مع مقعدين للاستلقاء عند البحر، فتكلف 10 يورو في حين أن وجبات الطعام في فنادق 3 نجوم مثلا تكلف صباحا 5 يورو، و10 يورو ظهرا، و12 يورو مساء.
الجغرافيا
جزيرة مينوركا غنية بالحجارة أيضا، وفيها هضاب في المناطق الداخلية، لكنها ليست مرتفعة، فالقمة الأعلى فيها وهي مونتي تورو لا يزيد ارتفاعها عن 375 مترا فوق سطح البحر، أما التقسيم الجغرافي لها، فقد وزع إلى ثمانية أقاليم من أهمها ماهون وسيوتاديلا، وفيريريس وايس ميركادال وايس كاستيل وسانت لويس.
مينوركا لمن يبحث عن إجازة هادئة من دون صخب وعملية تسوق تعتبر مثالية، ولاسيما لمن يصطحب معه أطفالا، أما من يبحث عن التسلية والسهر والتسوق فيمكن له أن يقصد الجزيرة الأكبر مايوركا، أو جزيرة ايبيزي، أو الكناري وغيرها من الجزر الأسبانية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق