الجمعة، 8 أكتوبر 2010

قبرص الطبيعة الفاتنة Cyprus

قبرص.. طبيعة فاتنة وتراث حضاري عريق

صور قبرص

إعداد مهدي السعيد 
«لؤلؤة المتوسط» هكذا تسميها الكثير من كتب الرحلات والوثائق التاريخية، فهذه الجزيرة الرائعة، تتميز بموقع فريد من نوعه، وطبيعة خلابة تبهر بها زوارها القادمين اليها من ارجاء العالم المختلفة، وتراث قديم يحكي قصص الماضي السحيق، بلغة المعالم الموروثة، التي تعتبر من بين ارقى ما تركه الاقدمون وراءهم.
جزيرة تسبح مترهلة في خاصرة المتوسط، وكأنها سمكة صدفية، تلمع تحت ضياء الشمس التي تغمرها على مدى العام بطوله، لذلك اصبحت بفضل جوها النقي ومياهها الصافية وطبيعتها المذهلة من ارقى مناطق السياحة العالمية على الاطلاق.
تتحدث الاساطير والحكايات القديمة عن هذه الجزيرة التي تعاقبت عليها الامم عبر التاريخ للفوز بها، بدءا من الاشوريين والفينيقيين والرومان والعرب والاتراك وانتهاء بالانكليز، ولكنها مع كل ذلك، تعايشت مع الجميع، بل وتدللت على الجميع، حتى انها حظيت بما لم تحظ به شقيقاتها من الجزر الاخرى كسيسيليا وسردينا اللتين خضعتا لجبروت الامم نفسها ايضا.
تقول الاسطورة، ان الهة الجمال «افروديت» وابنتها التي تحمل اسما فينيقيا «بافوس»، قد جاءتا الى الجزيرة لغرض الراحة والاستجمام، ففوجئتا بجمال طبيعتها الساحر وصفاء مياهها وروعة غاباتها وجبالها، فقررتا البقاء فيها، واتخذتا من المدينة الساحلية، التي سميت باسم ابنة الالهة «افروديت» مكانا دائما لهما.
قبرص عموما، و«بافوس» خصوصا تحتوي على الكثير من المعالم الاثرية التي تم تسجيلها في سجل اليونيسكو لحماية التراث الانساني العالمي عام 1985، وشملت 10 كنائس واديرة في مرتفعات «ترودوس» وغيرها، واقدمها يعود الى القرن الحادي عشر، في حين ان احدثها يعود الى القرن السادس عشر.
وكانت تلك المرتفعات عبارة عن اماكن امنة لجأ اليها القسسة والرهبان ابان الحروب والهجمات المعادية، واشهرها كنيسة «القديس ميكولاش» في «كاكوبيتري»، وكنيسة الصليب في «بلانانيستاسي» وغيرها كثير.
تبلغ مساحة قبرص نحو 9251 كيلو مترا مربعا، وتنقسم الى ثلاثة اقسام، هي السهول والمرتفعات والسواحل.
السهول تمتد من «موربها» في الغرب الى «فاماغوستا» في الشرق، بينما تقع العاصمة «نيقوسيا»، في الوسط، اما الجبال فتتوزع بين الشمال ومناطق من الجنوب.
سواحل راقية
تعتبر السواحل البحرية في جنوب الجزيرة والممتدة ما بين «بافوس» و«اغنو نابو» من انظف سواحل السياحة في العالم. فالمياه في هذه المنطقة مياه صافية للغاية، ورمالها البيضاء والذهبية المفروشة على طول الساحل مليئة بالبلاجات الحديثة التي توفر متعة خاصة لدى السياح الذين بإمكانهم السباحة في تلك المياه في اغلب اشهر السنة تقريبا، وبالاخص في الفترة الممتدة ما بين شهر مايو وشهر اكتوبر من كل عام.
مدن سياحية مرموقة
جزيرة قبرص بكاملها تشهد اقبالا سياحيا كثيفا على مدى العام، ويشكل السياح الاوروبيون نسبة 90 في المائة من مجموع نسبة السياح القادمين اليها من الخارج سنويا.
وتعتبر «لارناكا» من المدن القديمة المعروفة بتراثها، وقد بناها الفينيقيون في الالف الثاني قبل الميلاد، وكان اسمها القديم من تلك الفترة «كيتيون». وهناك اسطورة يعرفها الاهالي ترتبط بتاريخ هذه المدينة..
تقول الاسطورة: في عام 890، وجد الاهالي قبرا قديما يحمل اسم «لازار»، وفي داخل هذا القبر وجدت عظام الرجل ذاته.
اكيانابا
هي الأخرى من المدن القديمة، التي تقع في القرن الشرقي الاصغر من الجزيرة، وتواجه السواحل الشرقية للبحر المتوسط، اي قبالة سوريا ولبنان وفلسطين، وهي اقرب جزء الى هذه الدول، واثناء الغزوات القديمة التي قام بها الاشوريون والفينيقيون، فإن هذه المنطقة كانت من بين المناطق الاولى التي وقعت في ايديهم.
سواحلها الرملية من اجمل سواحل المتوسط، حيث الهواء العذب والدافئ والرمال النظيفة التي تمتد لمسافات طويلة، الامر الذي يجعل السباحة في هذه السواحل ممتعة بصورة كبيرة.
في هذه المدينة يوجد الكثير من المعالم الاثرية والتراثية التي تحكي قصص الماضي السمعية، حيث تنتشر الكنائس والاديرة والقلاع القديمة التي تتميز بناياتها بطابع معماري رفيع المستوى.
قبرص ربما تكون واحدة من اجمل الجزر في العالم، وخصوصيتها تكمن في ما تحتويه من مفاتن الطبيعة والاستجمام والراحة والاسترخاء، فضلا عن مجالات اللهو والرياضة والمتعة المتنوعة، وبخاصة الجانب الثقافي والفني، فهي مليئة بالمسارح ودور السينما والكازينوهات والفنادق متعددة الاصناف وغيرها.
اما اهلها فحدث ولا حرج، فهم اناس طيبون للغاية، ويبدو انهم يعرفون تاريخهم جيدا، حيث يعتبرون انفسهم اقرب الى العرب من الاوروبيين، ولذلك نجد ان هنالك المئات من المؤسسات الخدمية والشركات التجارية العربية التي تعمل في الجزيرة منذ عقود طويلة من الزمن، وهي ما زالت تتواصل مع محيطها العربي بكل نشاط وحيوية.
وهناك انواع اخرى عديدة تشبه الى حد بعيد الطعام الذي تشتهر به ايضا، بعض البلدان العربية المطلة على البحر المتوسط، وخاصة سوريا ولبنان وفلسطين وغيرها.
خوير وكينيا
هذه المنطقة قد ضمت واحدة من اقدم مدن الاستيطان في العالم، لذلك اعتبرتها اليونيسكو جزءا محمياً من التراث العالمي.
هنالك مئات البيوت الدائرية ذات الجدران التي يبلغ سمكها نصف متر، وسطحها مبني من الطين والحجر.
في هذه المنطقة تنبسط السواحل البحرية الجميلة، التي تنتشر على اطرافها المقاهي والمطاعم التي تقدم انواعا مختلفة من المأكولات والمشروبات القبرصية الشهية. واشهر انواع المقبلات القبرصية هي «المزة» التي تقدم بصحون صغيرة، يمكن ان تصل الى خمسة صحون او في بعض الاحيان الى 20 صحنا. وهذه المقبلات متنوعة، منها اللحم والخضروات والسمك والحبوب المطهية التي يقدم معها «المرق» الذي يضاف له الثوم او الخيار او اللبن. والمطعم القبرصي مشهور بالطعام «الناشف»، اي اللحم المتبل والمشوي بواسطة الفحم، الذي يقدم مع الجبنة، كذلك انواع السمك المشوي ايضا مع «زلطة» الجبنة.
قاعة السلطان تقي
هنالك اسطورة يتناقلها اهالي الجزيرة، وبخاصة سكان هذه المدينة، حيث تقول الاسطورة إن احدى النساء المسلمات الشهيرات جاءت مع عدد كبير من الدعاة العرب المسلمين الى الجزيرة لنشر الدعوة الاسلامية، عام 649، واثناء وصولها الى المكان الذي نحن بصدده، زلت رجلها من على ظهر الحصان، فسقطت منه وتوفيت في الحال، وبعد مرور اول ليلة على وفاتها، فوجئ الجميع من اهالي المنطقة بحلول الصباح الباكر، حينما وجدوا ثلاث لوحات من الصخر الكبير والثقيل، قد احضرت من القدس او من مكة المكرمة، ووضعت فوق المكان الذي ترقد فيه هذه السيدة، فأصبح لها قبراً محصناً.
ولكن العجب من هذه المعجز ة ازداد أكثر فأكثر في تفسير الطريقة التي جلبت فيها هذه الاحجار التي لا يوجد ما يشبهها من صخور في الجزيرة، وبهذه السرعة الخيالية.
وفي عام 1816 بني فوق هذا الضريح جامع بسيط، ثم تطور البناء لاحقاً، واصبح الآن موضع زيارات متواصلة من قبل الاهالي والزوار الاجانب.
كيتيون مدينة الفينيقيين
مدينة قديمة جدا، كانت عبارة عن مركز صناعي ومهني، ولكنها ايضا احد المراكز القبرصية السياحية البارزة في وقتنا الراهن.
ويعود تاريخها الى حقبة القرن الثالث عشر، حيث أسسها الفينيقيون، ونقلوا اليها آلهتهم، وخاصة الالهة «آستارتا».

0 التعليقات:

إرسال تعليق