الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

العاصمة برلين قلب اوربا النابض berlin

berlin

عندما تقف على اشارة المرور في برلين، منتظرا اللون الاخضر، لابد ان يلفت نظرك الكم الكبير من المشاة الذين يستعدون لعبور الطريق معك! وعندما تتجول في شوارعها النابضة بالحياة، لابد ان تلتقط مسامعك كلمات كثيرة من لغات عالمية، قد تكون من بينها العربية! هذه هي برلين، عاصمة المانيا التي تستقطب السياح من كل حدب وصوب، نظرا إلى ما تتمتع به من مقومات سياحية تجعلها احدى افضل وجهات السفر في العالم، فوفق احصائيات هيئة ترويج السياحة في برلين، فإن المدينة تمكنت في عام 2008 من جذب نحو 7.9 ملايين سائح.
برلين احتفلت أخيرا بالذكرى العشرين لسقوط جدارها، وتوحيد ما كان يعرف آنذاك بالمانيا الشرقية والغربية، ولكن لاحتفالاتها دوما نكهة خاصة، نظرا إلى الكم الهائل من عشاق هذه المدينة، سواء كانوا من زوارها المحليين أو الاجانب، والذين يحرصون على مشاركتها جميع فعالياتها.
على الرغم من الازمات التي مرت بها برلين عبر التاريخ، فإنها ماتزال تحتفظ برموز تذكارية عديدة، فهي مدينة تحتضن جميع الازمنة في شوارعها ومبانيها ومعالمها، وماتزال تتحف زوارها بسحرها وروعتها وعمقها الحضاري، مما يجعل لزيارتك لها مذاقا خاصا.
بوابة براندينبورغ مثلا تعد رمزا من رموز عهد الانقسام الذي شهدته برلين في اربعينيات القرن الماضي، وقد كانت هذه البوابة مقفلة لسنوات عدة، واعيد افتتاحها بعيد انهيار جدار برلين، اما كنيسة كايسر فيلهيلم التذكارية والواقعة في حي كورفورستيندام، فهي تذكار للسلام ورمز معماري جميل، يعكس تصميم برلين على اعادة اعمار نفسها بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية.
واذا كنت من المهتمين بالتعرف على مراحل تاريخية انتهت منذ عقود طويلة، يمكنك زيارة نقطة التفتيش «تشارلي» التي مثلت سابقا جزءا من جدار برلين، التي كانت شاهدا على انقسام ألمانيا إلى دولتين (شرقية وغربية)، حيث قامت حكومة ألمانيا الشرقية في عام 1961 بتشييد سور برلين. وهكذا أصبحت المدينة مقسمة إلى جزأين: الجزء الغربي التابع لألمانيا الغربية، والجزء الشرقي التابع لألمانيا الشرقية. وبقيت برلين على هذا الحال إلى حين سقوط الجدار في نوفمبر 1989 وتوحيد شطري ألمانيا في عام 1990. وبالتوجه إلى المحطة الشرقية بالقرب من شارع «بيرناور شتراسه»، يمكنك رؤية بقايا جدار برلين الشهير الذي تحول إلى آثار تاريخية تشهد على تقسيم برلين وتاريخ الحرب الباردة.
ومن الأماكن التي تحظى بإعجاب السياح ويقصدونها عادة مشيا على الأقدام هناك مبنى البرلمان الألماني، الذي قام بتصميم زجاجه الفنان نورمان فوستير Norman Foster، وهو يشكل مع مبنى الوزارة الفدرالية والمباني الحديثة الأخرى، ما يُعرف بمجمع باند ديس بونديس Band des Bundes.
ومن الصروح المعمارية المهمة ايضا في المدينة، يطل علينا برج التلفزيون في ألكسندربلاتس Alexanderplatz، الذي يبلغ طوله 368 مترا، ويوفر لمرتاديه من علو شاهق مشهدا بانوراميا رائعا لهذه المدينة.

برلين المانيا

المتاحف

عشاق المتاحف سيجدون ضالتهم في قلب مدينة برلين التي يتواجد فيها أحد أهم تجمعات المتاحف في العالم والذي يطلق عليه «جزيرة المتاحف»، التي تعتبر أكبر تجمع للمتاحف في أوروبا وتحتوي على تراث لأجيال وعصور متعاقبة يزيد عمره على 6000 سنة. تضم هذه المجموعة خمسة متاحف تتصف بأن شهرتها تتعدى حدود ألمانيا واوروبا، لا سيما أن المنطقة التي توجد فيها هذه المتاحف تم ادراجها على قائمة التراث العالمي لليونيسكو منذ عام 1999. وتعرض هذه المتاحف مقتنيات نادرة ورائعة بطريقة عرض دقيقة وهندسة معمارية قل نظيرها. وإلى جانب ما تحتويه «جزيرة المتاحف»، فإن برلين تحتضن أكثر من 170 متحفا، إلى جانب عدد كبير من صالات العرض الفنية والمراسم، والتي تظهر بشكل جلي المخزون الثقافي الذي تتصف به المدينة.
وللفن أيضا نصيب كبير في برلين، حيث تنتشر فيها دور أوبرا ذات صيت واسع، وأكثر من 150 مسرحا ومدرجا، فضلا عن عشرات دور السينما والمراكز والأروقة الثقافية. كما إنها تستضيف على مدار العام الكثير من المهرجانات والفعاليات المهمة، كمهرجان «برليناله» Berlinale الذي يعد من أشهر المهرجانات السينمائية على مستوى العالم، إلى جانب احتضانها لفعاليات موسيقية متنوعة تستقطب من خلالها أعدادا كبيرة من الشباب.

التسوق في شوارع تاريخية

اذا كانت برلين مدينة ثقافية وسياحية بامتياز، فهي ايضا من اشهر وجهات التسوق في العالم، حيث تستقطب كل عام اعدادا كبيرة ممن يأبوا ان يغادروها دون التسوق من متاجرها، وخصوصا ان للتسوق فيها متعة خاصة، لانه سيكون بامكانك التجول بين المباني التاريخية بينما تقوم بشراء احتياجاتك!
فمثلا يعتبر شارع كورفورستيندام التاريخي، الذي يسمى اختصارا بشارع «كودام»، من اكبر واشهر مراكز التسوق في العاصمة الالمانية برلين، حيث يمتد من حديقة الحيوانات الى منطقة شارلوتنبورغ على مساحة تبلغ نحو ثلاثة كيلومترات، وتصطف على جانبيه مبان تاريخية قديمة وفخمة، الى جانب عدد من المحلات التجارية الكبيرة لاشهر العلامات التجارية العالمية.
وكغيره من شوارع التسوق الاخرى، كشارع فريدريش، يزدان «كودام» في هذه الايام بزينة اعياد الميلاد لتمنحه الاضواء والالوان الاحتفالية طابعا خاصا يعطي لموسم الشتاء دفئا والقا، لا سيما مع منظر الاكشاك الخشبية التي تقدم المشروبات الساخنة، وتفوح منها رائحة المأكولات الالمانية الشعبية الخاصة بهذه المناسبة، الى جانب انواع لذيذة من الحلويات واشكال مبتكرة من الشوكولاته، ناهيك عن هدايا الاعياد التي تغلفها بساطة الوان الفرح.

عالم من الهدوء

على الرغم مما تتصف به مدينة برلين من زخم دائم وحيوية، فإنها تضم مساحات واسعة من اجمل المناطق الطبيعية، فالحدائق والغابات الخضراء والبحيرات الشاعرية تمنح زوار المدينة اجواء وعوالم لا مثيل لها من الهدوء والطمأنينة. وهنا يمكن ان ننصحك بزيارة تيرغارتن التي تعتبر اكبر متنزه في برلين، وتتحول الى مكان لاقامة حفلات الشواء العائلية في فصل الصيف.
ولا يجب ايضا تفويت فرصة التعرف على «الحديقة الشرقية» التي تعتبر نتاجا المانيا عربيا مشتركا، لا سيما مع ما تتميز به من تصميم متفرد مستوحى من الطراز العربي الاسلامي التقليدي، مما جعلها تمثل مكانا سياحيا جذابا يستقطب اعدادا كبيرة من الزوار.

0 التعليقات:

إرسال تعليق